الأربعاء، 5 فبراير 2025

Published فبراير 05, 2025 by with 0 comment

قصة رحلة إلى المجهول: النفق الذي يسافر عبر الزمن

 


في ليلة شتوية قارسة، قرر ثلاثة أصدقاء—سامر، وأدهم، ومالك—الانطلاق في رحلة تخييم إلى أعماق الجبال، هربًا من صخب المدينة وبحثًا عن مغامرة تنعش أرواحهم. حملوا معداتهم، واستقلوا سيارتهم، وانطلقوا تحت سماء حالكة تتناثر فيها النجوم كأنها تراقبهم بصمت.



بعد يوم حافل بالتخييم واستكشاف الطبيعة، قادتهم روح الفضول إلى التجول في الغابة الكثيفة التي أحاطت بمخيمهم. وبينما كانوا يشقّون طريقهم بين الأشجار العملاقة، لمحوا مدخل نفق مظلم، يختبئ بين الصخور وكأنه بوابة إلى عالم آخر. بدا وكأنه لم يُلمس منذ  قرون، مغطى بطبقة كثيفة من الطحالب والغموض.



تبادلوا النظرات، ثم همس أدهم بحماسة ممزوجة بالرهبة: "ما رأيكم أن نستكشفه؟"



تردد مالك قليلاً، بينما أضاء سامر المصباح الكشّاف، فتقدّموا بخطوات حذرة إلى الداخل. كلما تعمّقوا أكثر، خيّم على المكان صمت مريب، وازدادت برودة الجو بشكل غير طبيعي، حتى بدأوا يشعرون بوخز غامض يسري في أجسادهم، كأن شيئًا غير مرئي يراقبهم من العتمة.

 

فجأة، دوّى صوت صفير حادّ شقّ الصمت كالسيف، وتلاشت الرؤية أمام أعينهم.



زمن آخر... عالم آخر


عندما استعادوا وعيهم، وجدوا أنفسهم خارج النفق، لكن كل شيء من حولهم بدا مختلفًا تمامًا. لم يكن هناك أثر لمخيمهم أو لسيارتهم، والغابة أصبحت أكثر كثافة وكأنها لم تُمسّ منذ قرون. تسلّل الخوف إلى قلوبهم، وحاولوا العودة إلى النفق، لكنه اختفى!

 

أخذوا يسيرون بحذر، آملين في العثور على أي دليل يدلهم على طريق العودة، لكنهم بدلًا من ذلك، وجدوا أنفسهم أمام قرية صغيرة ذات أكواخ خشبية بدائية، وسكان يرتدون ملابس من العصور الوسطى. كانت نظرات القرويين تحمل مزيجًا من الفضول والريبة، قبل أن يتقدم بعضهم حاملين أسلحة بدائية.

 

همس مالك، وقد جف حلقه: "هذا... هذا مستحيل! نحن في الماضي!"

إقرأ أيضا : 

قصة مارك كارسون في الغابة الملعونة


حاولوا التواصل مع السكان، لكن اللغة التي سمعوها كانت غامضة وغير مألوفة. وعندما بدأ بعض الرجال يلوّحون بأسلحتهم متحدثين بلهجة غاضبة، أدرك الأصدقاء أنهم في خطر. لكن قبل أن يتمكنوا من الهرب، ظهر رجل عجوز ذو لحية بيضاء، أشار إليهم بيده، ودعاهم إلى كوخه بصوت هادئ لكن آمر.

 

داخل الكوخ، جلسوا حول نار متقدة، وبدأ العجوز يروي لهم بلغة استطاعوا فهمها بصعوبة أن النفق الذي عبروا منه ليس مجرد ممر، بل هو بوابة زمنية لا تُفتح إلا في أوقات نادرة. وإذا لم يعودوا إليها قبل أن تُغلق مجددًا، فسيظلون عالقين في الماضي إلى الأبد.

سباق مع الزمن


أصابتهم كلماته بالذهول والذعر. لم يكن أمامهم خيار سوى البحث عن النفق قبل فوات الأوان. على مدار اليومين التاليين، جابوا الغابة بلا كلل، متتبعين أي أثر قد يدلهم على البوابة الزمنية.

 

وفي الليلة الثالثة، وبينما كانوا يسيرون تحت ضوء القمر، رأوا أمامهم فجأة نفس المدخل الحجري يتجسد وسط الضباب. لم يترددوا لحظة واحدة، بل اندفعوا إليه راكضين.

 

بمجرد دخولهم، اجتاحتهم نفس القشعريرة الغامضة، ودوّى الصفير الحاد من جديد، قبل أن يسقطوا أرضًا فاقدي الوعي.

 

عندما فتحوا أعينهم، وجدوا أنفسهم داخل الغابة، لكن هذه المرة، كان مخيمهم لا يزال موجودًا، والسيارة تقف كما تركوها. تبادلوا نظرات مشوشة، عاجزين عن تصديق ما حدث.



هل كان كل ذلك مجرد وهم؟ حلم مشترك؟ لكن الإجابة كانت في يد سامر، الذي مدّ يده إلى جيبه ليجد خنجرًا قديماً، منقوشًا عليه رموز غريبة، شاهدها من قبل... في الكوخ الحجري!

 

لم يتحدثوا أبدًا عن تلك الليلة مرة أخرى، لكنهم أقسموا أنهم لن يعودوا إلى ذلك الجبل... أبدًا.



0 comments:

إرسال تعليق